النواحي فاختار كور المشرق، ومضت رسله لتقبض المال، ودخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة (1) خرجت منها حشوته (2) [كلها] فسقط، وجهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع لما به وجاءه المال وهو ينزع فقال: ما أصنع به وأنا في الموت. (3) وحج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني أعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله، أريد أن أحبس موسى بن جعفر فإنه يريد التشتيت بأمتك وسفك دمائها.
ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده، وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو (عليه السلام) في إحداهما، ووجه مع كل واحدة منهما خيلا فأخذ بواحدة على طريق البصرة، والأخرى على طريق الكوفة، ليعمى على الناس أمره، وكان في التي مضت إلى البصرة. وأمر الرسول أن يسلمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، وكان على البصرة حينئذ فمضى به فحبسه عنده سنة.
ثم كتب إلى الرشيد أن خذه منى وسلمه إلى من شئت وإلا خليت سبيله، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة، فما أقدر على ذلك حتى أنى لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو على أو عليك فما أسمعه يدعو إلا لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة.
فوجه من تسلمه منه، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد فبقى عنده مدة طويلة وأراد الرشيد على شيء من أمره فأبى.
فكتب بتسليمه إلى الفضل بي يحيى فتسلمه منه وأراد ذلك منه فلم يفعل، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة وهو حينئذ بالرقة.
فأنفذ مسرور الخادم إلى بغداد على البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى