ضروب المظالم والإحن والأضغان، يرى غربة علي ووحدته وما ينزل به من الظلم الفظيع. أجل، لكأن رسول الله ينظر إلى ذلك كله، وهو يخاطب أمير المؤمنين بقوله: " إن الأمة ستغدر بك من بعدي " (1).
هذا النبي يحتضن عليا وتنهمر عيونه بالدموع، وهو يذكر عليا وما ينزل به من ظلم في الغد؛ وهذا أمير المؤمنين يصف لنا المشهد ووجد النبي، بقوله:
" اعتنقني النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أجهش باكيا، قلت: ما يبكيك؟ قال: ضغائن قوم لا يبدونها لك إلا من بعدي " (2).
يا للعجب!! رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتخب عليا لمؤاخاته من بين الجميع، ويأتيه أمر السماء بغلق الأبواب المشرعة على المسجد كلها إلا باب علي. يصرح بمنزلة علي مرات ومرات، ويمتدحه على مرأى من الأمة ومسمع، ويشيد بمكانته، ويذكر بوضوح أن من آذى عليا فقد آذاه، ومن سب عليا فقد سب الله ورسوله.
لكنه يعود ليسجل بقلب مصدوع مليء بالألم مظلومية الإمام، وما يؤول إليه من الانغمار بدم الجراح، فيقول مخاطبا إياه مواسيا: " بأبي الوحيد الشهيد " (3).
كما يقول (صلى الله عليه وآله): " إنك مقتول وهذه مخضوبة من هذه " (4).
وهكذا لا يرتقي إلى علي نظير في الأبعاد الإنسانية كلها، كما من العجب أن لا يرتقي إلى مظلوميته أحد أيضا!
على ضوء النقاط التي مرت، نقدم فيما يلي شطرا من كلمات النبي حيال علي: