" غدير خم "، عندما أعلى عليا أمام الألوف وعلى رؤوس الأشهاد قائدا للمستقبل، بصراحة ومن دون لبس، في مشهد أخاذ لاتمحوه الذاكرة، مما ستأتي تفاصيله في صفحات هذه المجموعة.
إن العناوين والأوصاف التي اختارها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي جاءت بأجمعها هادفة موحية. فما جاء على لسان النبي في صفة علي من أنه " حبل الله المتين "، " عمود الدين "، " يعسوب المؤمنين "، " راية الهدى "، " مدينة الهدى "، " الصديق الأكبر "، " الفاروق الأعظم " و " ولي كل مؤمن بعدي " يكفي كل واحد منها ليخط للإمام الموقع الأفضل والمكانة الأسمى.
أما ما جاء عن النبي من مضامين مفادها: أفلح من اتبعك، وضل عن السبيل من حاد عنك، وليس من سبيل للمؤمنين إلى معرفتي أقوم منك، ولولاك ما عرفني مؤمن، ففيه دلالة على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يفكر من خلال هذه المقولات بأهم ما يشغله، متمثلا بهداية الأمة واستقامتها على طريق الحق؛ يترسم لذلك العلاج ويحدد لها الطريق، لكي تهتدي الأمة بذلك، وتعثر على سبيل الجنة وتنأى عن النار المحرقة.
لقد أخذت مهمة إبراز هذه الحقائق وإشاعة هذه التعاليم المنقذة على النبي حياته كلها، بحيث لم يغفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحظة واحدة عن هذه الرؤية المستقبلية، والتطلع إلى ما وراء الحاضر، والتوجيه من أجل غد مطمئن وضاح.
إن هذه الموسوعة هي برمتها دليل ناصع على هذه الحقيقة، وأن أوضح قسم يدل عليها هو القسم الثالث منها.
ح: علي من حيث المقامات المعنوية ينظر علي إلى ما وراء هذه الدنيا كنظرته إلى هذه الدنيا، وإن الحقائق العلوية وعالم الملكوت واضح لديه وضوح ما بين يديه؛ والأمر بعد ذلك كما يقول: " لو