لأعرف الوجود بالسر، وهو إلى ذلك معلم الإمام (عليه السلام) ومربيه، وقد كان الإمام (عليه السلام) تلميذه ورفيق دربه وقرينه.
لقد أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وضمه إليه صغيرا، ثم تمتم بنداء الوحي في ثنايا روحه وجوانبها، فطفقت أعماق وجود علي تفوح بشذى عطر التعاليم الإلهية وتنضح بنداها.
وهكذا كان علي ماثلا أمامه بكل وجوده كالمرآة الصافية. وعندما كان النبي يتحدث عنه فإنما يتحدث بمثل هذه النظرة ومن خلالها.
ولك أن تتأمل هذا الوصف العلوي الأخاذ الناطق، في بيان الصلة فيما بينهما (صلوات الله وسلامه عليهما)؛ إذ يقول أمير المؤمنين:
" وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره.
ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري.
ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما.
أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة.
ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى