وتواشجت بلحظات حياة النبي، وسمع نداء الوحي الرباني ولم يلوث الكفر له روحا قط حتى للحظة واحدة لخليق به أن يحتل عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلك المكانة العظيمة.
لقد كان علي من بين الرجال أول من صدع بإيمانه برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفي الإيمان كان أمير المؤمنين الذروة في الشهود القلبي، وهذا النبي يقول في خطاب نفسه الوضاءة المنورة: " إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ".
وهو (صلى الله عليه وآله) الذي يشهد على استقامته وثبات إيمانه ورسوخه، بقوله: " الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي " (1).
بهذه الشهادات - وغيرها - وضع النبي ذلك المؤمن النقي في أرفع ذرى اليقين.
ه: علي من حيث الأخلاق كان من بين ما أعلنه النبي (صلى الله عليه وآله) في فلسفة بعثته وهدف رسالته، هو إتمام " مكارم الأخلاق ". من هذا المنطلق سعى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى عرض مشروع جديد، وتربية إنسان آخر، وأن يصنع من المؤمنين بمبدئه ومنهجه مثلا عملية للنهج الإنساني، وقدوات رفيعة لمكارم الأخلاق.
عند هذه النقطة يبرز حكم النبي حيال علي سامقا موحيا وهو يعده الأحسن أخلاقا، والقمة في التحمل والصبر والاستقامة والتواضع والزهد وسائر مكارم الأخلاق. ومع ذلك كله كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الأصلب في إجراء حكم الحق، ثابتا لا يتزعزع في العلم بالأحكام الإلهية، صلبا لا تلين له قناة في تنفيذ العدل والعدالة، حتى قيل فيه: إنه " كلمة العدل " والتجسيد الواقعي للعدل