علي لهو عمل عظيم وشاق، وهو - بلا شك - يتطلب مجالا أوسع من الفرصة المتاحة لنا في مقدمة هذا الفصل. بيد أننا مع ذلك نسعى من خلال الإفادة من روايات هذا الفصل وما جاء في الفصول الأخر، أن نشق طريقا صوب المراد والمقصود؛ وإن لم يكن بالمستوى اللائق.
بهذا الشأن تبرز أمامنا العناوين التالية:
أ: علي من حيث الخلق والتكوين يرتبط جزء من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الإمام علي بجوهره الوجودي وكيفية خلقه. فمن وجهة نظر النبي يعد علي ورسول الله صلوات الله وسلامه عليهما شعاع نور واحد، والاثنان هما تجل لنور الله سبحانه؛ فلحم علي هو لحم النبي، ودمه دمه، وروحه روحه، وباطنه باطنه. طينتهما واحدة، وكلاهما من شجرة واحدة، وسائر الناس من شجر شتى ومن طين مختلفة.
كثيرة هي الروايات التي تشير إلى هذه الحقيقة الرفيعة في مصادر الفريقين، قد جاء بعضها في أوائل هذا الفصل بعبارات مختلفة مبينة لحقيقة واحدة وناصعة.
ب: علي من حيث الأسرة علي (عليه السلام) هو ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) وصهره ووالد ريحانتيه. بيد أن الأسمى من ذلك كله أن عليا هو الشخصية السامقة في أهل البيت التي تحظى بمكانة مرموقة، وأحد " أصحاب الكساء " و " الخمسة الطيبين " الذين نزلت بحقهم آية التطهير وهي تهبهم أرفع فضيلة وأسماها.
مضافا إلى ذلك، أن النبي كان يرى أن دوام نسله ينحدر من صلب علي الطاهر، وهو (صلى الله عليه وآله) يقول: " إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي من صلبه، وإن الله