واحد، واستشهد من المسلمين من استشهد، وكان ممن بقي [ما كان] (1) من الهزيمة، وبقيت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومضى المهاجرون والأنصار إلى منازلهم من المدينة كل يقول: قتل النبي (صلى الله عليه وآله) وقتل أصحابه. ثم ضرب الله عز وجل وجوه المشركين، وقد جرحت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) نيفا وسبعين جراحة، منها هذه وهذه - ثم ألقى (عليه السلام) رداءه وأمر يده على جراحاته - وكان مني في ذلك ما على الله عز وجل ثوابه، إن شاء الله. ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟
قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): وأما الخامسة يا أخا اليهود، فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا وميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب، ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها فيما توجهت له، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) فأنبأه بذلك، فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والأنصار. فقدمت قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا، ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف، ترعد وتبرق، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوها إلى الله عز وجل ويناشدها بالقرابة والرحم فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتوا، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم، يدعو إلى البراز، ويرتجز، ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، ولا يطمع فيه طامع، ولا حمية تهيجه، ولا بصيرة تشجعه، فأنهضني إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعممني بيده، وأعطاني سيفه هذا - وضرب بيده إلى ذي الفقار - فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك؛ إشفاقا علي من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي، والعرب لا تعد لها فارسا غيره، وضربني هذه