فجلس علي (عليه السلام) وأقبل على اليهودي فقال: يا أخا اليهود، إن الله عز وجل امتحنني في حياة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) في سبعة مواطن، فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي - بنعمة الله له مطيعا. قال: وفيم وفيم يا أمير المؤمنين؟ قال: أما أولهن فإن الله عز وجل أوحى إلى نبينا (صلى الله عليه وآله) وحمله الرسالة، وأنا أحدث أهل بيتي سنا، أخدمه في بيته، وأسعى في قضاء بين يديه في أمره (1)، فدعا صغير بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، فامتنعوا من ذلك، وأنكروه عليه، وهجروه، ونابذوه، واعتزلوه، واجتنبوه، وسائر الناس مقصين له ومخالفين عليه، قد استعظموا ما أورده عليهم مما لم تحتمله قلوبهم وتدركه عقولهم، فأجبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحدي إلى ما دعا إليه مسرعا مطيعا موقنا، لم يتخالجني في ذلك شك، فمكثنا بذلك ثلاث حجج وما على وجه الأرض خلق يصلي أو يشهد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بما آتاه الله غيري وغير ابنة خويلد رحمها الله، وقد فعل. ثم أقبل (عليه السلام) على أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): وأما الثانية يا أخا اليهود، فإن قريشا لم تزل تخيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي (صلى الله عليه وآله) حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار - دار الندوة - وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف، فلم تزل تضرب أمرها ظهرا لبطن حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه، ثم يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) وهو نائم على فراشه فيضربونه جميعا بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه، وإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها، فيمضي دمه هدرا.