فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، فأنبأه بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها، والساعة التي يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار. فأخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخبر، وأمرني أن أضطجع في مضجعه، وأقيه بنفسي، فأسرعت إلى ذلك مطيعا له، مسرورا لنفسي بأن أقتل دونه، فمضى (عليه السلام) لوجهه، واضطجعت في مضجعه، وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها أن تقتل النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس. ثم أقبل (عليه السلام) على أصحابه فقال: أليس كذلك؟
قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): وأما الثالثة يا أخا اليهود، فإن ابني ربيعة وابن عتبة - كانوا فرسان قريش - دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق من قريش، فأنهضني رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع صاحبي رضي الله عنهما وقد فعل وأنا أحدث أصحابي سنا، وأقلهم للحرب تجربة، فقتل الله عز وجل بيدي وليدا وشيبة سوى من قتلت من جحاجحة قريش في ذلك اليوم، وسوى من أسرت، وكان مني أكثر مما كان من أصحابي، واستشهد ابن عمي (1) في ذلك رحمة الله عليه. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال علي (عليه السلام): وأما الرابعة يا أخا اليهود، فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم قد استحاشوا من يليهم من قبائل العرب وقريش؛ طالبين بثأر مشركي قريش في يوم بدر، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) فأنبأه بذلك، فذهب النبي (صلى الله عليه وآله) وعسكر بأصحابه في سد أحد، وأقبل المشركون إلينا فحملوا إلينا (2) حملة رجل