الوجه الشريف، وخطب خطبة قصيرة ضمنها قوله تعالى: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقبكم﴾ (1) فهدأ عمر وسكن، وصدق بالوفاة وقال بعد سماعه الآية: " أيقنت بوفاته؛ وكأني لم أسمع هذه الآية " (2)!
أترى أن عمر كان لا يعلم حقا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد مات؟!
ذهب البعض إلى ذلك وقال: كان لا يعلم حقا. بعبارة أخرى: كان يعتقد أنه لا يموت، بل هو خالد (3). ويتبين من هذا أن القائلين به غير واعين للعب السياسية وتهيئة الأجواء!
وذهب البعض الآخر إلى أنه كان يعلم جيدا أن النبي (صلى الله عليه وآله) فارق الحياة، ولن يكون بعدها بين ظهراني المسلمين، لكن التفكير بالمصلحة، والتخطيط للمستقبل جعلاه يتخذ هذا الموقف ليمهد الأرضية من أجل التحرك لإزالة منافسيه السياسيين من الساحة. وتبنى ابن أبي الحديد هذا الرأي، وذهب إلى أنه فعل ذلك منعا لفتنة قد يثيرها الأنصار أو غيرهم حول الإمامة. كتب ابن أبي الحديد قائلا:
" ونحن نقول: إن عمر أجل قدرا من أن يعتقد ما ظهر عنه في هذه الواقعة، ولكنه لما علم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد مات، خاف من وقوع فتنة في الإمامة وتقلب أقوام عليها، إما من الأنصار أو غيرهم... فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس بأن أظهر ما أظهره من كون رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يمت... إلى أن جاء أبو بكر - وكان