مضمون الآية الكريمة وسياقها (1) أيضا يدعم الأحاديث المأثورة في شأن نزولها أو التي فسرت " أهل البيت " بجمع خاص من أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله).
وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) في تفسير آية التطهير، منذ أن منع زوجته الصالحة أم سلمة من الالتحاق بأصحاب الكساء - رفعا لاحتمال دخول أزواجه تحت عنوان " أهل البيت " - إلى يوم وفاته، كانت بشكل لا يثير أي خلاف حول معنى أهل البيت ومصداقهم.
ولم يدع بهذا العنوان إلا جمع خاص من أقربائه الذين كانوا أهلا لهداية الأمة الإسلامية وقيادتها. وإذا تأملنا ما أشير إليه وفي تفصيله الذي سيأتي في هذا الكتاب، تبين لنا أن الشك والترديد (2) في معنى " أهل البيت " ومصداقهم الوارد في آية التطهير ليس لهما قيمة علمية تذكر.
وفي ضوء هذه الآية الكريمة أراد الله تعالى، بحكمته، أن يصون جمعا خاصا من قرابة نبيه (صلى الله عليه وآله) من كل ضروب الرجس والدنس العقيدية والأخلاقية والعملية.
ولما كانت إرادته الأزلية جل شأنه غير منفصلة عن المراد، تسنى لنا أن نستنتج بوضوح أن أهل البيت مطهرون من جميع أنواع الرجس، شأنهم في ذلك شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
تأتي خاصية الطهارة العقيدية الأخلاقية العملية المطلقة على رأس الخصائص التي يتصف بها أهل البيت (عليهم السلام)، بل هي أساس الخصائص كلها. وهي التي تجعلهم أهلا لهداية الأمة الإسلامية وقيادتها. من هنا، ستتصدر القسم الثالث من هذا الكتاب الذي يتناول خصائص أهل البيت (عليهم السلام) بالدراسة والبحث.