شيعتنا من طينتنا، فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا.
فقلت: صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين. فبكى لذكري شيعته، ثم قال: يا نوف، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه، العاملون بطاعته وأمره، المهتدون بحبه، أنضاء عبادة، أحلاس زهادة، صفر الوجوه من التهجد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الربانية في وجوههم، والرهبانية في سمتهم. مصابيح كل ظلمة، وريحان كل قبيح، لا يثنون من المسلمين سلفا، ولا يقفون لهم خلفا. شرورهم مكنونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، والناس منهم في راحة، فهم الكاسة الألباء، والخالصة النجباء، وهم الرواغون فرارا بدينهم. إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، أولئك شيعتي الأطيبون، وإخواني الأكرمون، ألا هاه شوقا إليهم! (1) 540 - محمد بن الحنفية: لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) البصرة بعد قتال أهل الجمل، دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاما، فبعث إليه صلوات الله عليه وإلى أصحابه، فأقبل ثم قال: يا أحنف، ادع لي أصحابي، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوال، فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي نزل بهم؟
أمن قلة الطعام، أو من هول الحرب؟! فقال صلوات الله عليه: لا يا أحنف، إن الله سبحانه أحب أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة من قبل أن يشاهدوها، فحملوا أنفسهم على مجهودها (2).
541 - الإمام الصادق (عليه السلام): امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عن عدونا، وإلى أموالهم