" فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا فلما اعتم قتل نفسه وشرب عمر لبنا فخرج من جوفه فعلم أنه ميت فأشاروا عليه بالوصية فجعل الخلافة شورى بين علي، وطلحة والزبير، وسعد، وعبد الرحمن، وعثمان بن عفان وقال: لا أعلم أحدا أحق من هؤلاء الذين توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض، وقال: يؤمر المسلمون أحد هؤلاء لا أعلم أحدا أحق من هؤلاء الستة وحسب الدين الذي كان عليه فوجده ستة وثمانين ألفا أو نحوه، فقال لابنه عبد الله: إن وفي مالي دين عمر، فأدوه منه، وإلا فسل من بني عدي، فإن لم تف أموالهم، فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، ثم بعث ابنه عبد الله إلى عائشة - رضي الله تعالى عنها - فقال: قل: يقرأ عمر عليك السلام ولا تقل: أمير المؤمنين. فلست اليوم أميرهم، وقل: ليستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فجاء وسلم واستأذن فدخل فوجدها تبكي، فقال لها:
فقالت: كنت أراه لنفسي ولأثرنه اليوم على نفسي، فلما أقبل عبد الله من عندها، قيل لعمر:
هذا عبد الله، قال: ارفعوني فأسنده رجل، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب، قال: قد أذنت، قال: الحمد لله ما كان شئ أهم إلي من ذلك. فإذا أنا قبضت فاحملوني ثم سلم وقل:
يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين، وأوصاهم أن يقتصدوا في كفنه ولا يتغالوا وطعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وغسله ابنه عبد الله، وحمل على سرير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصلى بهم عليه صهيب وكبر أربعا، ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة أربع وعشرين، وقيل: توفي لأربع بقين من ذي الحجة، وقيل: لثلاث، وقيل:
لليلة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح المشهور، ثبت ذلك في الصحيح عن معاوية بن أبي سفيان وقال الجمهور: والصحيح أن سنه - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، وعلي، وعائشة ثلاث وستون، ونزل في قبره ابنه عبد الله وعثمان وسعيد بن زيد وهو أول من اتخذ الدرة، وفتح الله في ولايته بيت المقدس، و " دمشق "، وزنيم " قرقيسيا " والسوس واليرموك، ثم كانت وقعة الجابية و " الأهواز "، وكورها على يدي أبي موسى الأشعري " وجلولاء " سنة تسع عشرة، وأميرها سعد بن أبي وقاص وقيسارية، وأميرها معاوية، ثم وقعة باب النون وأميرها عمرو بن العاص، ثم وقعة " نهاوند " سنة إحدى وعشرين، وأميرها النعمان بن ميمون المزني، ثم فتح الله الأهواز سنة اثنتين وعشرين، وأميرها المغيرة بن شعبة، وكانت " إصطخر " الأولى وهمذان سنة ثماني عشرة، وحج بالناس عشر سنين متواليات.
تنبيهان:
الأول: قوله إلا سلك فجا غير فجك، الفج، بالفاء والجيم: الطريق الواسع.