الباب السادس عشر في بعض فضائل أبي عبيدة بن الجرح - رضي الله تعالى عنه - وفيه أنواع:
الأول: في نسبه وصفته - رضي الله تعالى عنه - هو أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن وهيب وفي لفظ: أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك الملقب بأمين هذه الأمة يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مالك.
قال الحافظ ابن عساكر: وكان طويلا نحيفا أجنأ معروق الوجه خفيف اللحية أهتم.
الثاني: في بعض فضائله - رضي الله تعالى عنه - فهو أحد العشرة، وأحد الرجلين اللذين عينهما، أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - وأحد الخمسة الذين أسلموا في يوم واحد على يد الصديق، والأربعة عثمان بن مظعون وعيينة ابن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن معاذ، وقيل: محمد بن سلمة، وقد شهد بدرا والمشاهد كلها، وثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، ونزع يومئذ بفيه الحلقتين اللتين دخلتا في وجنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - من حلق المغفر فوقعت ثنيتاه فكان من أحسن الناس هتما.
قال الحافظ ابن عساكر: وهو أول من سمي أمير الامراء، وأنزل الله تعالى فيه لما قتل أباه يوم بدر، حيث تصدى له وحاد عنه مرارا (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) [الآية] ومما قاله:
ألا رب مبيض لثيابه * ومديس ليدينه ألا رب مكرم لنفسه * وهو لها مهين أبا دروا السيئات القديمات * بالحسنات الحديثات فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهن، وقال: مثل المؤمن مثل العصفور يتقلب كل يوم كذا وكذا مرة، وله مع المشركين غزوات كبيرة، ووقعات كثيرة، منها وقعة حمص الأولى.
وورى الطبراني برجال ثقات إلا مالك، فيحرر رجاله عن مالك الدار أن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أخذ أربعمائة دينار، فجعلها في صرة فقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم ابق في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجاتك، فقال: وصله الله ورحمه ثم