الباب التاسع في سيرة السلف - رحمهم الله تعالى - في تعظيم رواة حديثه - صلى الله عليه وسلم - وروى الدارمي عن عمرو بن ميمون قال: كنت اختلف إلى ابن مسعود: رضي الله تعالى عنه - فما سمعته يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه حدث يوما فجرى على لسانه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثم علاه كرب فرأيت العرق ينحدر عن جبهته ثم قال هكذا إن شاء الله، أو فوق، أو قريب من ذا، أو ما دون ذا.
وفي رواية: فتزبد وجهه - بباء موحدة مشددة وبالزاي - أي تغير إلى الغبرة - بغين معجمة مضمومة ثم باء موحدة ساكنة فراء -: سواد مشرب ببياض.
وفي رواية: وقد تغر غرت عيناه أو انتفخت أوداجه وقال إبراهيم بن عبد الله بن قريم وهو المقدام في المعرفة، المجرب في الأمور الأنصاري، قاضي المدينة: مر مالك بن أنس على أبي حازم - رضي الله تعالى عنهما -: وهو يحدث فحاذاه وقال: إني لم أجد موضعا أجلس فيه، فكرهت أن آخذ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قائم.
وقال مالك: جاء رجل إلى ابن المسيب - رضي الله تعالى عنه - فسأله عن حديث وهو مضطجع فجلس فحدثه، فقال الرجل: وددت أنك لم تتعن فقال: إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجع.
وروى ابن سيرين أنه قد يكون يضحك، فإذا ذكر عنده حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خشع.
وقال أبو مصعب: كان مالك بن أنس لا يحدث إلا وهو على وضوء إجلالا لحديثه - صلى الله عليه وسلم -.
وحكى ذلك مالك عن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهم -.
وقال مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت الزبيري: كان مالك إذا حدث توضأ ولبس ثيابه، ثم يحدث من أراد منه أن يحدثه.
قال مصعب: فسئل عن ذلك، فقال: لأنه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا أحدثه إلا على وضوء.