سمعتك أنا وكل من في المسجد، فقال: رأيت أصحابنا (بنهاوند) (1) وقد أحاط بهم العدو، وهناك جبل فإن اعتصموا إليه سلموا وظفروا، وإلا فيهلكوا فجاء البشير بعد شهر بخبر نصر المسلمين، وأنهم سمعوا في ذلك الوقت صوتا يشبه صوت عمر، يا سارية بن حصين، الجبل الجبل، فعدلوا إليه، فانتصروا وظفروا، فكشف له عن حال السرية حتى عاينهم ببصره وارتفع بصره وصوته إلى أن سمعوه في ذلك الوقت، فلما جاءه البشير أخبره بذلك.
وفتح على يديه فتوحات كثيرة منها بيت المقدس، ومن مناقبه قوله " لو أن جملا من ولد الضأن، ضاع على شط الفرات لخفت أن يسألني الله تعالى عنه " ومنها: تواضعه مع رفعة قدره وجلالة منصبه ومنها أنه كان في عام الرمادة يصوم النهار، فإذا أمسى أتى بخبز وزيت فجعل يكسر بيده ويثرد الخبز ثم قال: ويحك تأمرنا، ارفع هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت معترين فضعها بين أيديهم، وقد حلف في ذلك العام أن لا يأكل سمنا ولا سمينا حتى يأكل الناس، وما أثر عنه من كلماته وجدنا علينا الصبر، إن الطمع فقر واليأس عز.
جالس التوابين فإنهم أرق شئ أفئدة.
كونوا أوعية الكتاب وينابيع العلم، واسألوا رزق يوم بيوم.
وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهدوا لها قبل أن تعذبوا، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفي منكم خافية.
لو أن مثل الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه.
والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها - يعني الخلافة كما دخلت فيها لا أجرا ولا وزرا.
ولو نادي مناد من السماء: أيها الناس، إنكم داخلون الجنة إلا رجلا واحدا لخفت أن أكون أنا هو، ولو نادي مناد من السماء: أيها الناس، إنكم داخلوا النار كلكم إلا رجلا واحدا لرجوت أن أكون أنا هو.
وروى البخاري عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم تر عيني إلا رجلا وقد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت، فإذا هو علي بن أبي طالب فترحم على عمر، وقال: ما خلق الله أحدا أحب إلي من أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك مع