الباب السابع في وجوب تعظيم أمره وتوقيره وبره، وبعض ما ورد عن السلف في ذلك قال الله تعالى: (إنا أرسلنا شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) [الفتح 9] وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم، يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم) [الحجرات 1، 2، 3] وقال عز وجل: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) [النور 63]. وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) [البقرة 104].
وروى مسلم عن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنهما - أنه قال: ما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملا عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، فإني لم أكن أملا عيني منه.
وروى الترمذي، عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: كان - صلى الله عليه وسلم - يخرج على أصحابه [من المهاجرين والأنصار وهم جلوس]، وفيهم أبو بكر وعمر، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا أبو بكر وعمر، فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما، ويبتسمان إليه ويبتسم إليهما.
وروى النسائي وأبو داود وابن ماجة والترمذي، وصححه: أن أسامة بن شريك قال:
أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حوله كأن على رؤوسهم الطير.
وروى البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، أن قريشا لما وجهوا عروة ابن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، فرأى تعظيم أصحابه - رضي الله تعالى عنهم - ما رأى، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، فكادوا يقتتلون عليه، ولا يبصق بصاقا، ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم، فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيما له، فقال لهم حين رجع إليهم: يا معشر قريش إني جئت كسرى وقيصر، والنجاشي في ملكهم، وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه وفي رواية: إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم محمدا أصحابه وقد رأيت قوما لا يسلمونه أبدا.
وروى مسلم عن أنس - رضي الله تعالى عنه -: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحلاق يعلقه وقد أطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل، وقد قال عثمان - رضي