الباب السابع في بعض فضائل أمير المؤمنين أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - على سبيل الانفراد وفيه أنواع:
الأول: في مولده ومنشئه - رضي الله تعالى عنه - ولد - رضي الله تعالى عنه - بعد مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين وأشهر، فإنه مات وله ثلاث وستون سنة.
وروى خليفة بن خياط أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: " أنا أكبر أو أنت؟ قال: أنت أكبر وأنا أسن منك ". قال الشيخ في تاريخ الخلفاء: غريب جدا، والمشهور خلافه، وإنما صح ذلك عن العباس، وكان منشؤه بمكة لا يخرج منها إلا لتجارة، وكان ذا مال جزيل في قومه، وثروة تامة وإحسان وتفضل فيهم، وكان من رؤساء قريش في الجاهلية، وأهل مشاورتهم، ومحببا فيهم وأعلم لمعالمهم، فلما جاء الاسلام آثره على ما سواه، ودخل فيه أكمل دخول، وكان من أعف الناس في الجاهلية. قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -: والله ما قال شعرا في الجاهلية ولا في الاسلام، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية. رواه ابن عساكر بسند صحيح، وكان نحيفا أبيض حسن القامة خفيف العارضين أجنأ لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه معروق الوجه، غائر العينين. ناتئ الجبهة، عاري الأشاجع. رواه ابن سعد، عن عائشة - رضي الله تعالى عنها -.
وروى عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وليس في أصحابه أشمط غير أبي فلفها بالحناء والكتم.
وقد تقدم الكلام على إسلامه أوائل الكتاب، ولد بمنى، وأمه أم الخير بنت صفر بن عامر، تزوج في الجاهلية قتيلة بنت عبد العزي فولدت له عبد الله وأسماء ذات النطاقين.
والثانية - أم رومان بنت عامر، ولدت له عبد الرحمن وعائشة، وتزوج في الاسلام أسماء بنت عميس، فولدت له محمدا، وكانت عند جعفر بن أبي طالب قبله، وفولدت له عبد الله، وقيل: مجهزا، وتزوجها بعده علي بن أبي طالب، فذكر أنها ولدت منه ولدا اسمه محمد، وكان يقال لها أم المحمدين، وزوجته الثانية في الاسلام حبيبة بنت خارجة بن زيد، فولدت له أم كلثوم بعد وفاته.
الثاني - في أمر الله تعالى - له بأن يستشيره وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله قدمه ".