الباب الثالث عشر في ذكر سراريه - صلى الله عليه وسلم - روى ابن أبي خيثمة عن أبي عبيدة معمر بن المثنى: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ولائد: مارية القبطية، وريحانة من بني قريظة أو من بني النضير على خلاف في ذلك، وكانت له جارية أخرى جميلة أصابها في السبي، فكاد بها نساءه وخفن أن تغلبهن عليه، وكانت له جارية أخرى نفيسة وهبتها له زينب بنت جحش وكان هجرها صفية بنت حيي ذا الحجة، والمحرم، وصفر، فلما كان في شهر ربيع الأول الذي قبض فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي عن زينب ودخل عليها، فقالت: ما أدري ما أخبرك به فوهبتها له. انتهى كلام أبي عبيدة.
فأما مارية القبطية فهي بنت شمعون بفتح الشين المعجمة، أم ولده إبراهيم أهداها له المقوقس في سنة سبع من الهجرة، ومعها أختها سيرين، بكسر السين المهملة وسكون المثناة التحتية، وكسر الراء، وبالنون وخصي يقال له مابور وألف مثقال ذهبا، وعشرين ثوبا لينا وبغلته الدلدل وغير ذلك فأسلمت، وأسلمت أختها، وكانت بيضاء جميلة، أنزلهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم في العالية في المال الذي يقال له [اليوم مشرية أم إبراهيم، وكان يختلف إليها هناك إلى أن ماتت في المحرم سنة ست عشرة.
وروى البزار، والضياء المقدسي في صحيحه عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال كثر على مارية أم إبراهيم في قبطي ابن عم لها كان يزورها ويختلف إليها، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذ هذا السيف وانطلق به، فإن وجدته عندها فاقتله، قال: قلت: يا رسول الله، أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة، لا يثنيني شئ حتى أمضي لما أمرتني به أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ قال: بل الشاهد يرى مالا يرى الغائب، فأقبلت متوشحا بالسيف فوجدته عندها فاخترطت السيف، فلما رآني أقبلت نحوه، عرف أني أريده، فأتى نخلة فرقي، ثم رمى بنفسه، قال قتادة: ثم شخر برجله فإذا هو أجب أمسح، ما له قليل، ولا كثير، فغمدت السيف، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: " الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت " (1).
وروى البزار بسند جيد عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: لما ولد إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مارية جاريته، وقع في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - منه شئ، حتى أتاه جبريل - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك أبا إبراهيم انتهى (2).