الباب الرابع عشر في ذكر من عقد عليها ولم يدخل بها - صلى الله عليه وسلم - على خلاف في بعضهن، هل هي ممن عقد عليها أم لا؟ والكلام في ذلك طويل الذيل، والخلاف فيه منتشر، حتى قال في زاد المعاد بعد أن ذكر النسوة اللاتي دخل بهن: وأما من خطبها ولم يتزوج بها فنحو أربع أو خمس. قال الحافظ الدمياطي: هو ثلاثون امرأة، وأهل السير وأحواله لا يعرفون هذا بل ينكرونه، والمعروف عندهم أنه بعث إلى الجونية ليتزوجها، فدخل عليها ليخطبها، فاستعاذت منه، فأعاذها ولم يتزوجها، وكذلك الكلابية، وكذلك من رأي بكشحها بياضا، فلم يدخل بها، والتي وهبت نفسها له فزوجها غيره على سور من القرآن، هذا هو المحفوظ، وإذا علم ذلك فأذكر ما وقفت عليه منهن.
الأولى: هي خولة بنت الهزيل بن الهبيرة بن قبيصة بن الحارث بن حبيب حرفة بن ثعلبة بن بكر بن حبيب بن عمرو بن ثعلبة الثعلبية، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكره الجرجاني النسابة وهلكت في الطريق قبل أن تصل إليه، كما نقله أبو عمر بن عبد البر عن الجرجاني النسابة وذكرها أيضا المفضل بن غسان الغلائي بغين معجمة مفتوحة، فتحتية، فلام على الصحيح في تاريخه عن علي بن صالح عن علي بن مجاهد، فذكر مثل ما تقدم وزاد، فحملت إليه من الشام، فماتت في الطريق، وأمها خرنق بنت خليفة، أخت دحية الكلبي.
الثانية: عمرة بنت يزيد بن الجون الكلابية وقيل عمرة بنت يزيد بن عبيد بن أوس بن كلاب الكلابية، قال أبو عمر: وهذا أصح، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتعوذت منه حين دخلت عليه، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد عذت بمعاذ، فطلقها، ثم أمر أسامة بن زيد فمتعها بثلاثة أثواب قال أبو عمر: هكذا روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
قال قتادة: كان ذلك في امرأة من سليم، وقال عبيدة: كان ذلك لأسماء بنت النعمان ابن الجون، وهكذا ذكره ابن قتيبة، وقال في عمرة هذه: إن أباها وضعها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: وأزيدك أنها لم ترمض قط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لهذه عند الله من خير (1).
وروى الطبراني برجال ثقات غير شيخه القاسم بن عبد الله، وهو ضعيف، وقد وثق عن سهل بن حنيف - رضي الله تعالى عنه - قال: فارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخت بني عمرو بن كلاب وأخت بني جون الكندية من أجل بياض كان بها.
وروى الطبراني برجال ثقات عن عثمان بن أبي سليمان - رحمه الله تعالى - أن