رواه أبو داود الطيالسي وعمر بن مسروق عن شعبة، وسبب ذلك خشية الاختلاف في القرآن العظيم، فإن حذيفة كان في بعض الغزوات وقد اجتمع فيها خلق عظيم من أهل الشام فكان بعضهم يقرأ على قراءة المقداد بن الأسود، وأبي الدرداء، وجماعة من أهل العراق يقرؤون على قراءة، ابن مسعود، وأبي، فجعل من لم يعلم أن القراءة على سبعة أحرف يفضل قراءته على قراءة غيره، وربما يجاوز ذلك إلى تخطئته وكفره، فأدى ذلك إلى اختلاف شديد، فركب حذيفة إلى عثمان، فقال: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف كاختلاف اليهود والنصارى في كتبهم، فعند ذلك جمع عثمان الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - وشاورهم في ذلك، واتفقوا على كتابة المصحف وأن يجتمع الناس في سائر الأقاليم على القراءة به دون ما سواه فاستدعى بالصحف التي كان الصديق - رضي الله تعالى عنه - قد أمر زيد بن ثابت بكتابته وجمعه، فكان عند الصديق أيام حياته، ثم كان عند عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - فلما توفي صار إلى حفصة، فاستدعى به عثمان، وأمر زيد بن ثابت الأنصاري أن يكتب وأن يملي عليه سعيد بن العاص الأموي، يحضره عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث ابن هشام المخزومي، وأمرهم إذا اختلفوا في شئ أن يكتبوه بلغة قريش، فكتبوا لأهل الشام مصحفا ولأهل مصر آخر وبعث إلى البصرة مصحفا، وإلى الكوفة آخر، وآخر إلى مكة، وآخر إلى المدينة، وأقر بالمدينة مصحفا، وليست كلها بخط عثمان، بل ولا واحد منها، وإنما هي بخط زيد بن ثابت، وإنما يقال لها المصاحف العثمانية نسبة إلى أمره وزمانه وخلافته.
وروى البيهقي وغيره بسنده عن سويد بن غفلة قال: قال علي: أيها الناس، يقولون:
عثمان حرق المصاحف، والله ما حرقها إلا عن ملا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولو وليت مثل ما ولي لفعلت مثل الذي فعل، وكان ذلك بإجماع الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - أجمعين.