الباب الثالث عشر في بعض مناقب أبي سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب - رضي الله تعالى عنه - وفيه أنواع:
الأول: في مولده واسمه: أبو سفيان بن الحارث ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخوه من الرضاعة وأمه [غزية بنت قيس] (1).
قيل: كان اسمه المغيرة. ولم يذكر الدارقطني غيره.
وقيل: بل اسمه كنيته، والمغيرة أخوه، وكان يألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم - عاداه وهجاه.
الثاني: في إسلامه - رضي الله تعالى عنه -: أسلم عام الفتح وحسن إسلامه ويقال:
إنه ما رفع رأسه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حياءا منه، وأسلم معه ولده جعفر لقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالابواء وأسلما قبل دخول مكة، وقيل: بل لقيهما هو وعبد الله بن أبي أمية بين السقيا والعرج، فأعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهما، فقالت له أم سلمة (لا تكفر) (1) ابن عمك وأخوك. ابن عمتك أشقى الناس بك. وقال له علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل وجهه، فقل له ما قال إخوة يوسف: (تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) [يوسف 91]، فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن قولا منه، ففعل ذلك أبو سفيان رضي الله تعالى عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ".
الثالث: في شهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بالجنة وإثبات (الخيرية) (2) له - رضي الله تعالى عنه -: روى أبو عمر عن عروة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه سلم - قال: أبو سفيان بن الحارث من شباب أهل الجنة وسيد فتيان أهل الجنة. رواه ابن سعد والحاكم مرسلا.
وروى الحاكم والطبراني بسند جيد وأبو عمر عن أبي حية البدري - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أبو سفيان خير أهلي أو من خير أهلي "، وفي لفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين كان لا ينظر إلى ناحية إلا رأى أبا سفيان بن الحارث يقاتل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن أبا سفيان خير أهلي أو من خير أهلي ".