الباب الثالث عشر في بعض فضائل سعد بن مالك - رضي الله تعالى عنه - وفيه أنواع:
الأول: في اسمه ونسبه وكنيته.
هو فارس الاسلام سعد وكنيته أبو إسحاق بن مالك وكنيته أبو وقاص بن وهب، ويقال: أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن عبد مناف، يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف.
الثاني: في فضائله.
أسلم قديما وهو ابن تسع عشرة سنة وكان ثالثا في الاسلام، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من أراق دما في سبيل الله شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاهد كلها وكان من أمراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مجاب الدعوة، مسدد الرمية، بقوله -: " اللهم سدد رميته، وأجب دعوته "، رمى يوم أحد ألف سهم، ولاه أمير المؤمنين عمر العراق، وهو الذي كان أمير الجيوش في القادسية والمدائن وغير ذلك.
وروي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائتان وسبعون حديثا، اتفق البخاري ومسلم منها على خمسة عشر وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بثمانية عشر، اعتزل الفتن فلم يقاتل في شئ من الحروب.
وروى أبو الفرج عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - قال: أقبل سعد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقال رسول الله -: هذا خالي فليرني امرؤ خاله.
ومرض بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة واحدة، فقال: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال: الثلث والثلث كثير، ولعل الله أن يرفعك فينتفع بك ناس، ويضر بك آخرون، ودعا، فقال: يا رب، إن لي بنين صغارا، فأخر عني الموت فأخر عنه الموت عشر سنين، وكان لا يجد في قلبه لاحد من المسلمين شيئا لا يقوله، وهو أحد الستة الذين نزل فيهم: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) [الانعام 52] كما رواه مسلم في رواية: لما أسلم سعد امتنعت أمه عن الطعام والشراب أياما، فقال لها: لنعلمن أنه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا، إن شئت كلي وإن شئت فلا تأكلي فلما