الباب الحادي عشر في خوفه، وخشيته، وتضرعه صلى الله عليه وسلم وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قاربوا، وسددوا، واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعلمه) وفي لفظ: لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت؟ قال: (ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل).
ورويا أيضا عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع شيئا فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب، فحمد الله، ثم قال: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشئ أصنعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).
وروى ابن سعد عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل وصيفة له فأبطأت عليه، فقال: (لولا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك) (1).
وروى الإمام مالك عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب وأنا أسمع: يا رسول الله إني أصبحت جنبا، وأنا أريد الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنا أصبح جنبا، وأنا أريد الصوم، فأغتسل وأصوم)، فقال له الرجل: يا رسول الله إنك لست مثلنا، قد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي) (2).
وروى مسلم عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيقبل الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سل هذه لأم سلمة)، فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أنا، والله إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له) (3).
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن صفوان بن عوف قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأوه ويقول: (أوه من عذاب الله أوه من قبل أن لا تنفع أوه).
وروى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبته، وقال: (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) (4).