الباب الرابع في أكله صلى الله عليه وسلم أطعمة مختلفة وفيه أنواع:
الأول: في أكله صلى الله عليه وسلم الطفيشل.
قال الحافظ أبو الحسن البلاذري رحمه الله تعالى في تاريخه قيل لأم أيوب رضي الله تعالى عنها أي الطعام كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما رأيته أمر أن يصنع له طعام، ولا رأيته ذم طعاما قط، ولكن أبا أيوب أخبرني أنه تعشى معه ليلة من قصعة أرسل بها سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنها طفيشل، فرآه ينكهكها نهكا، لم يره ينهك غيرها، فكنا نعمله له.
الثاني: في أكله صلى الله عليه وسلم الهريسة.
قال أبو الحسن بن الضحاك حدثنا عبد الصمد بن أحمد بن سعيد وأحمد بن محمد قالا: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن مالك بن عائذ: حدثنا أحمد حدثنا صهيب حدثنا يحيى أبو محمد حدثنا عمران بن خالد الخزاعي عن مطر الوراق (1) رحمهم الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا احتجم صنعت له هريسة، ونقل الحافظ البلاذري في تاريخه عن أم أيوب قالت: كنا نعمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الهريس فنراه يعجبه، وكان يحضر عشاءه الخمسة إلى الستة إلى العشرة. وقال محمد بن عمر الأسلمي: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي القرى أهدى له بنو عريض اليهودي هريسا فأكلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمهم أربعين وسقا فهي جارية عليهم، تقول امرأة من يهود: لهذا الذي صنع لهم محمد خير مما ورثوه من آبائهم، لأن هذا لا يزال جاريا عليهم إلى يوم القيامة.
وروى أن أسعد بن زرارة كان يتخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الهريس ليلة وليلة، فإذا كانت الليلة التي يتوقعها منها قال: (هل جاءت قصعة أسعد؟) فيقال: نعم، فيقول: (هلموا)، فنعلم أنها تعجبه.
الثالث: في أكله صلى الله عليه وسلم الحيس والوطيئة.
روى الحميدي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (هل من طعام؟) فقلت: نعم، فقربت إليه قعبا من حيس خبأناه له، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فأكل.