الباب الثالث في بعض مناماته صلى الله عليه وسلم وروى أحمد بن منيع عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(رأيتني أدخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي، فقلت: ما هذا؟ فقيل: هذا بلال، فنظرت، فإذا أعالي أهل الجنة فقراء المهاجرين، وذراري المسلمين، ولم أر أقل فيها من الأغنياء والنساء، فقلت: ما لي لا أرى فيها أقل من الأغنياء والنساء؟ فقيل لي: أما النساء فألهاهن الأحمران: الذهب والحرير، وأما الأغنياء فهم هاهنا بالباب يحاسبون، ويمحصون، فخرجت من أحد أبواب الجنة الثمانية، فجئ بكفة فوضعت فيها، وجئ بجميع أمتي فوضعت في كفة فرجحتها، ثم جئ بأبي بكر رضي الله تعالى عنه فوضع في كفة، وجميع أمتي في كفة، فرجحها أبو بكر، ثم جئ بعمر رضي الله تعالى عنه فوضع فيها فرجحها، فجعلت أمتي تمر علي أفواجا، حتى استبطأت عبد الرحمن بن عوف، فمر بي بعد الناس، فقال: بأبي وأمي، ما كدت أخلص إليك إلا من بعد المشاق، فقلت: لم ذاك؟ قال: من كثير مالي، ما زلت أحاسب بعدك وأمحص (1).
وروى عبد بن حميد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غدوة فقال: (رأيت قبل صلاة الصبح كأني أعطيت المقاليد والموازين فأما المقاليد:
فهذه المفاتيح، أما الموازين: فهي التي يوزن بها، فوضعت في إحدى الكفتين، ووضعت أمتي في الأخرى، فوزنتهم ورجحتهم، ثم جئ بأبي بكر، فوزن، فوزنهم، ثم استيقظت فرفعت) (2).
وروى أبو يعلى والبزار عن أبي الطفيل رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(بينا أن أنزع الليلة إذ وردت على غنم سود وعفر، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا، أو ذنوبين فيهما ضعف، والله تعالى يغفر له، ثم عمر فاستحالت غربا تملأ الحياض، وأروى الواردة، فلم أر عبقريا من الناس أحسن نزعا منه، فأولت الغنم السود: بالعرب والعفر: بالعجم) (3).
وروى ابن أبي شيبة برجال ثقات عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا تنحر، فأولت الدرع: بالمدينة والبقر بقر والله خير الحديث) (4).