الباب الخامس مداراته، وصبره على ما يكره صلى الله عليه وسلم روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: جاء مخرق بن نوفل يستأذن، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته قال: (بئس أخو العشيرة الحديث).
وروى الشيخان، والإمامان مالك وأحمد، والترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رجلا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة، فلما دخل عليه ألان له القول وتطلق في وجهه، وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قلت: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت: كذا وكذا، فلما دخل ألنت له القول، وتطلقت في وجهه، وانبسطت إليه، فقال صلى الله عليه وسلم: (متى عهدتني فاحشا إن شر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه) وفي رواية اتقاء شره (1).
وروى ابن الأعرابي عن صفوان بن أمية رضي الله تعالى عنه قال: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الغنم، وأعطى عيينة بن حصن مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل (2).
وروى ابن عدي، والحكيم والترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل أمرني بمداراة الناس، كما أمرني بالفرائض (3)).
وروى ابن سعد عن إسماعيل بن عياش - بالتحتية والشين المعجمة - رحمه الله تعالى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبر الناس على أقذار الناس (4).
وروى النسائي، وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فإذا قام قمنا، فقام يوما، وقمنا معه، حتى بلغ وسط المسجد فأدركنا رجل، فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه خشنا، فحمر رقبته فقال: يا محمد احمل لي على بعيري هذين الحديث (5).
تنبيهات الأول: هذا الرجل المبهم - قال ابن بطال والقاضي، والقرطبي، والنووي رحمهم الله