عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير، وأوسع من الصبر).
وروى ابن عدي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لو أن لي مثل جبال تهامة ذهبا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني كذوبا ولا بخيلا) (1).
وروى البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه أنه بينما هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه الناس، مقبلا من حنين علقت برسول الله صلى الله عليه وسلم الأعراب يسألونه، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاة نعم لقسمته عليكم لا بخيلا، ولا كذابا، ولا جبانا) (2).
وروى أبو جعفر بن جرير الطبري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال:
حكيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أنمار صوف أسود، فجعل حاشيتها بيضاء، وقام فيها إلى أصحابه، فضرب بيده إلى فخذه فقال: (ألا ترون إلى هذه ما أحسنها!) فقال أعرابي: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا أبدا فيقول: لا، فقال:
(نعم)، فأعطاه الجبة.
وروى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما لأناس، فقلت: يا رسول الله لغير هؤلاء كانوا أحق بهذا القسم، فقال: (إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش، أو يبخلوني، ولست بباخل) (3).
وروى ابن الأعرابي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين سأله الناس، فأعطاهم من البقر والغنم والإبل، حتى لم يبق من ذلك شئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماذا تريدون؟ أتريدون أن تبخلوني؟ فوالله ما أنا ببخيل، ولا جبان، ولا كذوب)، فجذبوا ثوبه حتى بدت رقبته، فكأنما أنظر - حين مد يدا من منكبه - شقة القمر من بياضه (4).
تنبيهات الأول: قال الحافظ: قوله: ما قال: لا، ليس المراد أنه يعطي ما طلب منه جزما، بل المراد أنه لا ينطق بالرد بلا، إن كان عنده أعطاه، إن كان إلا إعطاء سابغا، وإلا سكت، قال: