الثاني: روى الترمذي وغيره عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوصلا لإخوانه، ليست له راحة، قال ابن القيم في زاد المعاد: وأما بكاؤه فكان من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق، ولا رفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة.
ولكن كان تدمع عيناه حتى يهملا، ويسمع لصدره أزيز، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفا على أمته، وتارة من خشية الله، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال، يصاحب الخوف والخشية.
الثالث: قوله: (وأشدهم له خشية)، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: في هذا الحديث إشكال لأن الخوف والخشية حالة تنشأ عن ملاحظة شدة النقمة الممكن وقوعها بالخائف، وقد دل القاطع على أنه صلى الله عليه وسلم غير معذب، وقال تعالى: (يوم لا يخزي الله النبي) [التحريم 8] فكيف يتصور منه الخوف؟ فكيف أشد الخوف؟ قال: والجواب أن الذهول جائز عليه صلى الله عليه وسلم، فإذا حصل الذهول عن موجبات نفي العقاب حدث له الخوف، ولا يقال: إن إخباره بشدة الخوف، وعظم الخشية عظم بالنوع لا بكثرة العدد، أي إذا صدر منه الخوف، ولو في زمن فرد كان أشد من خوف غيره.
الرابع في بيان غريب ما سبق:
الخوف: بخاء معجمة مفتوحة، فواو ساكنة، ففاء: الفزع.
الخشية: بخاء معجمة مفتوحة، فشين معجمة، فتحتية مفتوحة، فتاء تأنيث: الخوف التضرع: بمثناة فوقية، فضاد معجمة مفتوحة، فراء، فعين مهملة: التذلل، والمبالغة في السؤال والرغبة.
الفضل: بفاء مفتوحة، فضاد معجمة ساكنة، فلام: الإعطاء لا عن إيجاب ولا وجوب.
الوصيفة: بواو فصاد مهملة مكسورة، فتحتية، ففاء فتاء تأنيث: الأمة.
أوه: بهمزة مفتوحة وواو ساكنة، فهاء مكسورة، وربما قلبوا الواو فقالوا: آه من كذا، وربما شددوا الواو وكسروها، وسكنوا فقالوا: أوه، وربما حذفوا الهاء فقالوا: أو، وبعضهم بفتح الواو مع التشديد فيقول: أوه: وهي كلمة تقال عند الشكاية والتوجع.
خشي العارض: بعين مهملة، فألف، فراء مكسورة، فضاد معجمة: هنا السحاب الذي يعترض في الأفق.
أطت: بهمزة مفتوحة، فمهملة مشددة، ملئت لكثرة ما فيها من الملائكة.
الصعدات: الصعدات بضم الصاد، والعين المهملة، وفتح: الطرقات.
تجأرون: بمثناة فوقية، فجيم، فهمزة مفتوحة: تتضرعون رافعي أصواتكم.
اللهوات: يأتي الكلام عليه في باب ضحكه.