الباب الثاني في قيامه وفيه نوعان:
الأول: فيما كان يفعله إذا قام وأراد العود.
روى أبو يعلى بسند ضعيف وأبو داود والطبراني عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلسنا حوله فأراد أن يعود ترك نعليه أو بعض ما يكون معه فيعرف بذلك أصحابه، فيثبتون، وأنه قام وترك نعليه فأخذت ركوة ماء فتتبعته فرجع، ولم يقض حاجته، قلت: يا رسول الله ألم تكن لك حاجة؟ قال: بلى، ولكن أتاني آت من ربي عز وجل فقال: (من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) [النساء - 110] - وقد كانت شقت عليهم الآية التي قبلها (من يعمل سوءا يجز به) - [النساء 123] فأردت أن أبشر أصحابي، قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن زنا وإن سرق وإن زنا وإن سرق، ثم استغفر غفر له؟
قال؟: (نعم)، قلت: يا رسول الله وإن زنا وإن سرق ثم استغفر غفر له؟ قال: (نعم)، ثم ثلثت قال:
(نعم على رغم أنف عويمر) (1).
الثاني: فيما كان يقوله ويفعله إذا قام من المجلس.
وروى عبد الرزاق في الجامع عن أبي عثمان الفقير، وابن أبي شيبة وأبو داود، والنسائي والحاكم، وابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي، وابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن رجل من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والطبراني برجال ثقات عن رافع بن خديج، وابن أبي شيبة عن أبي العالية، قال أبو عثمان وأبو العالية: إن جبريل علم النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه أن يقول وقال أبو برزة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك) (2) زاد أبو برزة فقال رجل: يا رسول الله إنك تقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى؟ أكفارة لما يكون في المجلس؟ زاد الرجل: كلمات علمنيهن جبريل كفارات لخطايا المجلس.
وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر برجال ثقات وابن أبي الدنيا والنسائي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات، فسألته عن الكلمات فقال: (إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بشر كان كفارة له، سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك)، وزاد الأخير: أن يقولها حين يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان منه في المجلس.