عن سمته. والحق هو الصراط المستقيم الذي في قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (1) وصف الله تعالى صراطه - وهو دينه - بالاستقامة، وأمر باتباعه.
والمستقيم هو الذي لا اعوجاج فيه، فمن اتبعه أوصله إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر.
قال سهل: الصراط المستقيم هو الاقتداء والأتباع وترك الهوى والابتداع.
ثم إنه تعالى نهى عن اتباع السبل، لما فيها من الحيدة عن طريق الاستقامة، فقال: {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} أي تميل بكم عن طريقه - التي ارتضى، وبه (2) أوصى - إلى سبل الضلالات من الأهواء، فتهلكوا.
قيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما الصراط المستقيم؟ فقال: (ما تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد، وثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم تلا: {وأن هذا صراطي مستقيما} الآية.
فأشار رضي الله عنه بالرجال الذين على الجواد إلى علماء السوء وأهل البدع، وأشار بقوله: (يدعون من مر بهم) إلى الوعاظ الذين هم سبب هلاك من قعد إليهم.
ولهذا بالغ السلف رضي الله عنهم في التحذير من مجالسة كل أحد، وقالوا: إذا جلس للوعظ فتفقدوا منه أمورا، فإن كانت فيه فاهربوا منه، وإلا هلكتم من حيث ظننتم النجاة.