تكذيبه في تنزيهه وتقديسه نفسه عز وجل.
وقال أبو الوفاء بن عقيل: تحسب الجهلة أن الكمال في نسبة النقائص إليه فيما نزه نفسه عنه عز وجل، والذي أوقعهم في ذلك القياس المظنون، وكيف يكون له حكم الدليل وقد قضى عليه دليل العقل بالرد؟!
(اختلاف الناس في هذه الأخبار) قال أبو الفرج بن الجوزي: والناس في أخبار الصفات على ثلاث مراتب:
إحداها: إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل إلا أن تقع ضرورة، كقوله تعالى: {وجاء ربك} أي جاء أمره، وهذا مذهب السلف.
المرتبة الثانية: التأويل وهو مقام خطر.
المرتبة الثالثة: القول فيها بمقتضى الحس، وقد عم جهله الناقلين، إذ ليس لهم علوم المعقولات التي بها يعرف ما يجوز على الله - عز وجل - وما يستحيل.
فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فإذ عدموها تصرفوا في النقل بمقتضى الحس.
ولو فهموا أن الله - عز وجل - لا يوصف بحركة ولا انتقال ولا جارحة ولا تغير، لما بقوا على الحسيات التي فيها عين التشبيه وهو كفر بالقرآن أعاذنا الله من ذلك.
ولا شك أن مذهب السكوت أسلم وقد ندم خلق من أكابر المتكلمين على الخوض في ذلك.
قال أبو المعالي الجويني في آخر عمره: (خليت أهل الإسلام وعلومهم، وركبت البحر الأعظم، وغصت في الذي نهوا عنه، والآن رجعت إلى قولهم:
عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطفه وأموت على دين العجائز، وإلا