علمه - عز وجل - بأنهم يكفرون به ويؤذونه، ولا يتبعون النور الذي أنزل معه قبل وجوده وبروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين، فكيف لا يستجيب لأحبائه إذا توسلوا به بعد وجوده - عليه الصلاة والسلام - وبعثته رحمة للعالمين؟!
وإذا كان رحمة للعالمين، فكيف لا يتوسل ولا يتشفع به؟!
(المنكر للتوسل: أسوأ من اليهود) ومن أنكر التوسل به والتشفع به بعد موته وأن حرمته زالت بموته، فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنه أسوأ حالا من اليهود، الذين يتوسلون به قبل بروزه إلى الوجود، وأن في قلبه نزغة هي أخبث النزغات.
(توسل أبي البشر آدم عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليغفر له) وهذا آدم عليه السلام توسل به، كما هو مشهور، ورواه غير واحد من الأئمة.
منهم الحاكم في (مستدركه على الصحيحين) من حديث عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب بحق محمد لما (1) غفرت لي.
فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك، رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال: يا آدم إنه لأحب الخلق إلي، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد لما خلقتك) (2).