ومن ثمرة ذلك حصول الخشية وتزايد الخوف، والعمل بالإخلاص والصدق والزهد وصون النفس عن مواطن الهلكة، وإلا هلك وأهلك غيره.
ومثل العالم كمثل السفينة إذا انخرقت غرقت وغرق أهلها، فواجب على العالم أن يحترز لئلا يهلك ويهلك غيره، فيلقى الله بذنوبه وذنوب غيره، فيضاعف عليه العذاب.
(قول محمد بن المنكدر بالتأويل) قال محمد بن المنكدر - وهو من سادة التابعين، وكانت عائشة رضي الله عنها تحبه وتكرمه وتبره: الفقيه يدخل بين الله - عز وجل - وبين عباده، فلينظر كيف يدخل؟
وصدق ونصح قدس الله روحه.
وهذا شأن السلف بذلوا النصيحة للإسلام والمسلمين، وكانوا شديدين على من خالف، ولا سيما لما ظهر أهل الزيغ، وتظاهروا بالتنويه بذكر آيات المتشابه وأحاديثه، بالغوا في التحذير منهم ومن مجالستهم، وكانوا يقولون: هم الذين عنى الله - عز وجل - في قوله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} (1) الآية.
وكذا قالت عائشة رضي الله عنها.
وكانوا يقولون - إذا جلس أحد للوعظ والتذكير -: تفقدوا منه أمورا، ولا تغتروا بكل واعظ، فإن الواعظ إذا لم يكن صادقا ناصحا سليم السريرة من الطمع والهوى هلك وأهلك.
وذكروا أشياء ببعضها تنطفئ نار الشبه التي بها يموه أهل الزيغ.