فقدحوا في الصحابة، لأن القدح في الرجل قدح في صاحبه وخليطه، وهؤلاء كفار لاستحلالهم سب أفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام.
ومنهم: أقوام يلبسون على الناس بقراءة البخاري وغيره، وهم لا يعتقدون البخاري، ويسمونه فيما بينهم بالفشاري، ولهم خبائث عديدة كل واحدة كفر محقق.
وبقي أمور لا أطول بذكرها.
فمن أراد الله به خيرا حماه عن مجالسة هؤلاء، لأن القلب سريع الانقلاب وقبول الرخص والشبه، فإذا علقت به الشبهة والريبة فبعيد أن ترتفع عن قلبه غشاوة ما وقر فيه، وأقل ما ينال القلب التردد والحيرة، وذلك عين الفتنة ومراد الشيطان.
فإن كان الذي دخلت قلبه الشبهة عاميا، والمبتدع أدخلها عليه ب (قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) فبعيد أن يرجع ويتقشع عن قلبه غشاوة الجهل والحيرة لتحكم الشبهة بالدليل، وهذا من الهالكين إلا أن يتداركه الله برحمته.
لأن عمدة الناس الكتاب والسنة، والهلكة الجهلة يفهمونهما على غير المراد منهما على الوجه المرضي.
فمن حق العبد الطالب للنجاة حراسة قلبه وسمعه عن خزايا خزعبلات المبتدعة وتزويق كلامهم، وأن لا يغتر بتقشفهم وكثرة تعبدهم وزهدهم ووصفهم لأنفسهم، فإن ذلك من أقوى حبائلهم التي يصطادون بها، وبها تتشرب القلوب لبدعتهم، لا سيما من قلبه مشغوف بحب الدنيا، إذا رأى زاهدا فيها، مع إكبابه على الكتاب والسنة، مع الورع والزهد والعفة والقناعة، فلا شك ولا ريب أنه يرغب فيه غاية الرغبة، ويميل إليه غاية الميل، ولا يصده عنه صاد، كما هو مشاهد من العوام ومحبتهم ورغبتهم لمن هو بهذه المثابة.