والوفاة كان ثابتا عند الصحابة، فلهذا استسقى أمير المؤمنين عمر بالعباس، ولولا هذا التفريق الواضح عندهم لما عدل عمر - مع جلالته وكونه خليفة راشدا، وكان يشاور أيضا - عن قبر رسول الله إلى غيره.
ثم قال: هذا لفظ المبتدع الجاهل الذي قامت البينة عليه بأشياء من هذا القبيل، وعزر على ذلك التعزير البالغ بالضرب المبرح والحبس وغير ذلك، في شهور سنة خمس وعشرين وسبعمائة بالقاهرة.
وهذا الكلام من التفرقة بين الحالتين، والاستناد فيه إلى استسقاء عمر بالعباس، ليس له، وإنما هو لشيخه، فإنه لما أظهر القول بنفي التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أورد عليه حديث الاستقاء، ففزع إلى التفرقة المذكورة، ولا متشبث في الحديث المذكور، فإن عمر رضي الله عنه إنما قصد أن يقدم العباس، ويباشر الدعاء بنفسه، وهذا لا يتصور حصوله من غير الحي، أي الحياة الدنيوية.
وأما التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا نسلم أن عمر رضي الله عنه تركه بعد موته، وتقديم العباس ليدعو للناس لا ينفي جواز التوسل به مع ذلك.
ثم قال: وهذا القول الشنيع والرأي السخيف الذي أخذ به هؤلاء المبتدعة من التحاقه صلى الله عليه وآله وسلم بالعدم - حاشاه من ذلك - يلزمه أن يقال: أنه ليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اليوم، وهو قول بعض الضلال.
(فرقة ابن تيمية مبتدعة) قال أبو محمد بن حزم في كتابه (الملل والنحل): حدثت فرقة مبتدعة تزعم:
أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وآله وسلم، ليس هو اليوم رسول الله، لكن كان رسولا.
ثم قال: (وهذه مقالة خبيثة مخالفة لله - عز وجل - ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولما عليه