(الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على طول التأريخ ولو من بعيد) والمراد أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم واللواذ بقبره مع الاستعانة به، كثير على اختلاف الحاجات، وقد عقد الأئمة لذلك بابا، وقالوا: إن استعانة من لاذ بقبره وشكا إليه فقره وضره، توجب كشف ذلك الضر بإذن الله تعالى:
فمن ذلك ما أخبر به يوسف بن علي قال: ركبتني ديون، فقصدت الخروج من المدينة الشريفة، ثم جئت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستغثت به في وفاء ديني، فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأشار علي بالجلوس، فاستيقظت فقيض الله لي من وفي ديني.
وقال بعضهم: بلغنا أن أبا الليث يقرأ القرآن في المصحف، من غير تعلم سبق منه للكتابة، وكنت أنكر ذلك، قال: فدخلت مكة فوجدته يقرأ القرآن في المصحف قراءة محمودة، فسألته عن سبب ذلك؟ فقال: كنت في مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبيت في المسجد وأخلو به فتشفعت إلى الله - عز وجل - بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسهل علي القرآن في المصحف. قال: وجلست فأخذتني سنة، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:
قد أجاب الله تعالى دعاءك، فافتح المصحف واقرأ القرآن. قال: فلما أصبح الصباح فتحت المصحف، وشرعت أقرأ القرآن، فكنت أقرأ في المصحف، فربما تتصحف علي الآية، فأنام فأرى من يقول لي: الآية التي تصفحت عليك كذا وكذا.
وذكر ابن عساكر في تاريخه: أن أبا القاسم ابن ثابت البغدادي، رأى رجلا بمدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أذن الصبح عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال فيه: الصلاة خير من النوم، فجاءه خادم من خدم المسجد فلطمه حين سمع ذلك منه، فبكى واستغاث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: يا رسول في حضرتك يفعل بي هذا الفعل. قال: فضربه الفالج في الحال، وحمل إلى داره، فمكث ثلاثة أيام، ثم مات.
وقال أبو العباس أحمد المقري الضرير التونسي: جعت بالمدينة ثلاثة أيام،