أعمالا ظنوا أنها في كفة الحسنات، فإذا هي في كفة السيئات.
وهذه الآية قيل: إنها في أهل البدع، يتصور (1) ويعتقد - مع تمام الورع والزهد وتمام الأعمال الصالحة وفعل الطاعات والقربات - ما عاقبته خطرة، ومن ذلك أن يعتقد في ذات الله وصفاته وأفعاله ما هو خلاف الحق، ويعتقده على خلاف ما هو عليه، إما برأيه ومعقوله الذي يحاكي به الخصوم، وعليه يعول وبه يغتر، قد زين له العدو وحلاه له حتى اعتقده دينا ونعمة، وإما أخذا بالتقليد ممن هذه حاله. وهذا التقليد كثير في العوام، لا سيما من يعضد بدعته واعتقاده بظاهر آية أو خبر، وهو على وفق الطبع والعادة.
وقد أهلك اللعين بمثل هذا خلقا لا يحصون حتى إنهم يعتقدون أن الحق في مثال ما هم عليه، وأن غيرهم على ضلالة.
ومثل هؤلاء ومن اتبعوهم إذا بدا لهم ناصية ملك الموت، انكشف لهم (2) - ما اعتقدوه حقا - باطلا وجهلا، وختم لهم بالسوء، خرجت أرواحهم على ذلك، وتعذر عليهم التدارك، وكذا كل اعتقاد باطل.
ولا يفيد زوال ذلك كثرة التعبد وشدة الزهد وكثرة الصوم والحج، وغير ذلك من أنواع الطاعات والقربات، لأنها تبع لأمر باطل.
ولا ينجو أحد إلا بالاعتقاد الحق وقد قال تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال} (3) وهذه الآية صريحة في أنه ليس بين الحق والباطل واسطة.
والباطل هو الذهاب عن الحق، مأخوذ من ضل الطريق، وهو العدول