تبعه من الناس فإذا هم سبعون ألفا، وكان من غلاة المشبهة، وصار يلقي على العوام الآيات المتشابهة والأخبار التي ظواهرها يوافق عقول العوام وما ألفوه.
ففطن الحذاق من العلماء، فأخذوه ووضعوه في السجن، فلبث في سجن نيسابور ثماني سنين.
ثم لم يزل أتباعه يسعون فيه حتى خرج من السجن، وارتحل إلى الشام، ومات بها في زعر، ولم يعلم به إلا خاصة من أصحابه، فحملوه ودفنوه في القدس الشريف، وكان أتباعه في القدس أكثر من عشرين ألفا على التعبد والتقشف، وقد زين لهم الشيطان ما هم عليه وهم من الهالكين وهم لا يشعرون، واستمر على ما هم عليه خلق شأنهم حمل الناس على ما هم عليه إلى وقتك هذا.
قال الله تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} (1) قال سعيد بن جبير:
هذه الآية نزلت في أصحاب الأهواء والبدع. المعنى: أنه ركض في ميادين الباطل، وهو يظنها حقا.
وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول عند هذه الآية: إن الضلالة لها حلاوة في قلوب أهلها.
والبدعة هي استحسان ما يسوق إليه الهوى والشبهة مع الظن بكونها حقا.
وهؤلاء ينزع من قلوبهم نور المعرفة، وسراج التوحيد من أسرارهم، ووكلوا إلى ما اختاروا، فضلوا وأضلوا {ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون} (2) حتى ينكشف لهم الأمر.
كما قال الله تعالى: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} (3) قيل: عملوا