العقول والأفهام، كما احتجب عن الأبصار فعجز العقل عن الدرك، والدرك عن الاستنباط، وانتهى المخلوق إلى مثله، وأسنده الطلب إلى شكله. انتهى.
وقولهم: (كل صنع) عبروا بالمصدر عن اسم المفعول، كقوله تعالى: {هذا خلق الله} (1).
ومن الجهل البين أن يطلب العبد المقهور ب (كن) درك ما لا يدرك، كيف؟ وقد تنزه عن أن يدرك بالحواس، أو يتصور بالعقل الحادث والقياس، من لا يدركه العقل من جهة التمثيل، ويدركه من جهة الدليل.
فكل ما يتوهمه العقل لنفسه فهو جسم، وله نهاية في جسمه وجنسه ونوعه وحركته وسكونه، مع ما يلزمه من الحدود والمساحة، من الطول والعرض وغير وحركته وسكونه، مع ما يلزمه من الحدود والمساحة، من الطول والعرض وغير ذلك من صفات الحدث، تعالى عن ذلك.
فهو الكائن قبل الزمان والمكان، وهو الأول قبل سوابق العدم، الأبدي بعد لواحق القدم، ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات، جلت ذاته القديمة - التي لم تسبق بعدم - أن يكون لها صفة حادثة، كما يستحيل أن يكون للذات الحادثة صفة قديمة.
قال تعالى: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} (2).
(كلام يحيى بن معاذ في التأويل) وسأل بعض المخبثين (3) الطوية للإمام العالم العلامة الجامع بين العلوم السنية