السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} (2)، وفي ذلك إشارة إلى عجز الخليقة أن تدرك بعض صفات ذواتها في ذاتها، أو تدري كيف كنهها في أنفسها، بعدم شهودهم خلق السماوات والأرض وخلق أنفسها، فلم تملك أن تحتوي علم أنفسها في أنفسها، فكيف تدري أو تدرك شيئا من صفات موجدها من العدم وبارئها ومالكها؟!
وقال تعالى: {ومن كل شئ خلقنا زوجين} (1) {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} (2)، وفي ذلك إشارة ظاهرة إلى عجزك عن إدراك كنه بعض المخلوقات على اختلاف ذواتها وصفاتها، وفي بعضها ما لا يخطر على قلب بشر، فكيف بالخالق الذي نزه نفسه بقوله تعالى: {ليس كمثله شئ}؟!
وهو - سبحانه وتعالى - مباين لخلقه من كل وجه لا يسعه غيره ولا يحجبه سواه، تقدس أن يدركه حادث أو يتخيله وهم أو يتصوره خيال، كل ذلك محال.
فهو الملك القدوس المنزه في ذاته وصفاته عن مشابهة مخلوقاته، وأنت من مخلوقاته، ركبك على منوال عجيب، وجعلك في أحسن صورة وأعجب ترتيب، مع تنقل تارات من ماء مهين، فقال عز وجل: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} (3).
الإنسان هنا هو آدم عليه السلام وسلالته، لأنه سلة من كل تربة، وكان عليه السلام يتكلم