ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله سبحانه وتعالى، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحدث.
ولم يقنعوا أن يقولوا: صفة فعل، حتى قالوا: صفة ذات.
ثم لما أثبتوا أنها صفات (ذات) قالوا: لا نحملها على ما توجبه اللغة، مثل اليد على النعمة أو القدرة، ولا المجئ على معنى البر واللطف، ولا الساق على الشدة، ونحو ذلك.
بل قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة.
والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين، والشئ إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن، فإن صرف صارف حمل على المجاز.
وهم يتحرجون من التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون: نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه.
وقد تبعهم خلق من العوام على ذلك لجهلهم ونقص عقولهم، وكفروا تقليدا، وقد نصحت للتابع والمتبوع.
(عتاب المؤلف مع الحنابلة!) ثم أقول لهم على وجه التوبيخ: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل وأتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول (وهو تحت السياط): (كيف أقول ما لم يقل؟!).
هل بلغكم أنه قال: إن الاستواء من صفة الذات المقدسة، أو صفة الفعل؟
فمن أين أقدمتم على هذه الأشياء؟!
وهذا كله ابتداع قبيح بمن ينكر البدعة؟
ثم قلتم: إن الأحاديث تحمل على ظاهرها، وظاهر القدم الجارحة.
وإنما يقال: تمر كما جاءت، ولا تقاس بشئ.