جميع الأمصار.
وهذا بلال - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - سافر من الشام إلى المدينة الشريفة لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وممن ذكر ذلك الحافظ ابن عساكر، والحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه (الإكمال) في ترجمة بلال.
وقال فيه: ولم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يروى - إلا مرة واحدة في قدمة قدمها إلى المدينة، لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلب إليه الصحابة رضي الله عنهم ذلك، فأذن لهم ولم يتم الأذان.
وقيل: إنه أذن لأبي بكر رضي الله عنه في خلافته. انتهى.
وممن ذكر ذلك أيضا إمام الأئمة في الحديث أبو الحجاج الشهير بالمزي (1).
وسبب سفر بلال رضي الله عنه لزيارة قبره - عليه الصلاة والسلام - أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال له: ما هذه الجفوة يا بلال، أما آن لك أن تزورني يا بلال؟
فانتبه من نومه حزينا وجلا خائفا، فقعد على راحلته من حينه، وقصد المدينة، فأتى قبره - عليه الصلاة والسلام - فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما إليه، فجعل يضمهما ويقبلهما ثم قالا له: يا بلال نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فعلا سطح المسجد، ووقف موقفه الذي كان يقف.
فلما أن قال: (الله أكبر) ارتجت المدينة، فلما قال: (أشهد أن لا إله إلا الله) ازدادت رجتها.
فلما قال: (أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله) خرجت العواتق من خدورهن، وقالوا: أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رؤي يوم أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة - بعد