المساجد الثلاث. وقد حكى الاتفاق على أنه لا يجب الوفاء بذلك، وهو البهتان البين.
ففي ذلك قولان آخران: أحدهما: يجب الوفاء مطلقا، والثاني: إن نذرها في الجامع تعين، وإلا فلا.
المسألة الثانية: إذا نذر أن يسافر إلى غير هذه المساجد الثلاثة، فإنها لا تجب عليه باتفاق الأئمة.
ثم أردف ذلك بقول: (وأما السفر إلى بقعة غير المساجد الثلاث، فلم يوجب أحد من العلماء السفر إليه إذا نذره، حتى نص العلماء على أنه لا يسافر إلى مسجد قباء، لأنه ليس من المساجد الثلاث).
فانظر إلى هذه الجرأة والفجور بقوله: (حتى نص العلماء) والمسألة فيها خلاف، وقد قال الإمام محمد بن مسلمة المالكي: إذا قصد مسجد قباء لزمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا.
بل قال الليث بن سعد: إذا نذر المشي إلى أي مسجد كان، لزمه، سواء في ذلك المساجد الثلاثة وغيرها.
وقال الإمام ابن كج - من كبار أصحابنا -: إذا نذر أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعندي أنه يلزمه وجها واحدا، ولو نذر المشي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ففيه قولان:
أحدهما لا يلزمه، والثاني يلزمه، فعلى هذا لا بد من ضم عبادة، قيل: يلزمه صلاة.
وقيل: اعتكاف ولو لحظة، والصحيح أنه يتخير في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاة وبين زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فجعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاعة، وهي أخص من القربة، وجعلها تقوم مقام الصلاة التي هي أفضل عبادات البدن، والمساجد موضوعة لها بالأصالة.
وقوله: وقالوا: لأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة، لم يفعلها