فأوجزت وقد علمت إنا لا نقبل إلا ما أدركناه بأبصارنا وسمعناه بآذاننا أو ذقناه بأفواهنا أو شممناه بأنوفنا أو لمسناه ببشرنا فقال أبو عبد الله عليه السلام ذكرت الحواس الخمس وهي لا تنفع في الاستنباط إلا بدليل كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح يريد عليه السلام ان الحواس بغير عقل لا توصل إلى معرفة الغائبات وان الذي أراه من حدوث الصورة معقول بنى العلم به على محسوس.
ومما حفظ عنه عليه السلام في وجوب المعرفة بالله عز وجل وبدينه قوله وجدت علم الناس كلهم في أربع أولها أن تعرف ربك والثاني أن تعرف ما صنع بك والثالث أن تعرف ما أراد منك والرابع أن تعرف ما يخرجك عن دينك وهذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف لأنه أول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله فإذا علم أن له إلها وجب أن يعرف صنعه إليه فإذا عرف صنعه عرف به نعمته فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره فإذا أراد تأدية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله فإذا وجبت طاعته وجب عليه معرفة ما يخرجه من دينه ليجتنبه فتخلص لربه طاعته وشكر إنعامه.
ومما حفظ عنه عليه السلام في التوحيد ونفى التشبيه قوله لهشام بن الحكم إن الله لا يشبه شيئا لا يشبهه شئ وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه.
ومما حفظ عنه عليه السلام من موجز القول في العدل قوله لزرارة بن أعين يا زرارة أعطيك جملة في القضاء والقدر قال نعم جعلت فداك قال إنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.