قال مالك بن أنس قال جعفر يوما لسفيان الثوري يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقائها فأكثر من الحمد والشكر عليها فان الله عز وجل قال في كتابه العزيز لئن شكرتم لأزيدنكم وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فان الله عز وجل يقول في كتابه واستغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين يعنى في الدنيا ويجعل لكم جنات في الآخرة يا سفيان إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة وقال ابن أبي حازم كنت عند جعفر بن محمد عليهما السلام إذ دخل آذنه فقال سفيان الثوري بالباب فقال إئذن له فدخل فقال له جعفر يا سفيان انك رجل يطلبك السلطان وأنا اتقى السلطان قم فاخرج غير مطرود فقال سفيان حدثني حتى أسمع وأقوم فقال جعفر حدثني أبي عن جدي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أنعم الله عليه نعمة فليحمد الله ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله ومن حزنه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله فلما قام سفيان قال جعفر خذها يا سفيان ثلاثا وأي ثلاث وقال سفيان دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء وكساء خز فجعلت انظر إليه تعجبا فقال لي يا ثوري ما لك تنظر إلينا لعلك تعجب مما ترى فقلت له يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك قال يا ثوري كان ذلك زمان اقتار وافتقار وكانوا يعملون على قدر اقتاره وافتقاره وهذا زمان قد أسبل كل شئ عز إليه ثم حسر ردن جبته فإذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل والردن عن الردن وقال يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى وهذا لكم فما كان لله أخفيناه وما كان لكم أبديناه
(٣٦٩)