أن الإيمان لم يدخل قلوبهم وكذلك قوله (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه حتى يعود السهم على فوقه) وبقوله (سبق الفرث والدم) يدل على أنه لم يتعلق من الإسلام بشئ أجابه الآخرون أن معنى لا يجاوز حناجرهم لا يفهمون معانيه بقلوبهم ولا تنشرح له صدورهم ولا تعمل به جوارحهم وعارضوهم بقوله ويتمارى في الفوق وهذا يقتضى التشكك في حاله وإن احتجوا بقول
أبى سعيد الخدري في هذا الحديث. سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في هذه الأمة) ولم يقل (من هذه) وتحرير أبى سعيد الرواية وإتقانه اللفظ أجابهم الآخرون بأن العبارة بفي لا تقتضي تصريحا بكونهم من غير الأمة بخلاف لفظة من - التي هي للتبعيض وكونهم من الأمة مع أنه قد روى عن أبي ذر وعلى وأبى أمامة وغيرهم في هذا الحديث يخرج من أمتي، وسيكون من أمتي، وحروف المعاني مشتركة فلا تعويل على إخراجهم من الأمة؟؟؟ ولا على إدخالهم فيما بمن لكن أبا سعيد رضي الله عنه أجاد ما شاء في التنبيه الذي نبه عليه وهذا مما يدل على سعة فقه الصحابة وتحقيقهم للمعاني واستنباطها من الألفاظ وتحريرهم لها وتوقيهم في الرواية هذه المذاهب المعروفة لأهل السنة ولغيرهم
____________________
(قوله من الرمية) أي المرمية من الصيد (قوله على فوقه) الفوق بضم الفاء موضع الوتر من السهم (قوله سبق الفرث والدم) أي مر سريعا فلم يعلق بشئ من دمها وفرثها