ونبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ولكن جوز على الأنبياء الكذب فيما أتوا به ادعى في ذلك المصلحة نزعمه أو لم يذعها فهو كافر بإجماع كالمتفلسفين وبعض الباطنية والروافض وغلاة المتصوفة وأصحاب الإباحة فإن هؤلاء زعموا أن ظواهر الشرع وأكثر ما جاءت به الرسل من الأخبار عما كان ويكون من أمور الآخرة والحشر، والقيامة، والجنة، والنار ليس منها شئ على مقتضى لفظها ومفهوم خطابها وإنما خاطبوا بها الخلق على جهة المصلحة لهم إذ لم يمكنهم التصريح لقصور أفهامهم فمضمن مقالاتهم إبطال الشرائع وتعطيل الأوامر والنواهي وتكذيب الرسل والارتياب فيما أتوا به وكذلك من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به أو شك في صدقه أو سبه أو قال إنه لم يبلغ أو استخف به أو بأحد من الأنبياء أو أزرى عليهم أو آذاهم أو قتل نبيا أو حاربه فهو كافر بإجماع وكذلك نكفر من ذهب مذهب بعض القدماء في أن في كل جنس من الحيوان نذيرا ونبيا من القردة، والخنازير والدواب والدود وغير ذلك، ويحتج بقوله تعالى (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) إذ ذلك يؤدى إلى أن يوصف أنبياء هذه الأجناس بصفاتهم المذمومة وفيه من الإزراء على هذا المنصف المنيف ما فيه مع إجماع المسلمين على خلافه وتكذيب قائله وكذلك نكفر من اعترف من الأصول الصحيحة بما تقدم ونبوة نبينا صلى الله عليه وسلم
(٢٨٤)