وتردد احتمال فلا يجب أن يتحدث منها إلا بالصحيح ولا يروى منها إلا المعلوم الثابت ورحم الله مالكا فلقد كره التحدث بمثل ذلك من الأحاديث الموهمة للتشبيه والمشكلة المعنى وقال: ما يدعو الناس إلى التحدث بمثل هذا فقيل له إن ابن عجلان يحدث بها فقال لم يكن من الفقهاء وليت الناس وافقوه على ترك الحديث بها وساعدوه على طيها فأكثرها ليس تحته عمل وقد حكى عن جماعة من السلف بل عنهم على الجملة أنهم كانوا يكرهون الكلام فيما ليس تحته عمل
والنبي صلى الله عليه وسلم أوردها على قوم عرب يفهمون كلام العرب على وجهه وتصرفاتهم في حقيقته ومجازه واستعارته وبليغه وإيجازه فلم تكن في حقهم مشكلة ثم جاء من غلبت عليه العجمة وداخلته الأمية فلا يكاد يفهم من مقاصد العرب إلا نصها وصريحها ولا يتحقق إشاراتها إلى غرض الإيجاز ووحيها وتبليغها وتلويحها فتفرقوا في تأويلها أو حملها على ظاهرها شذر مذر فمنهم من آمن به ومنهم من كفر فأما ما لا يصح من هذه الأحاديث فواجب أن لا يذكر منها شئ في حق الله ولا في حق أنبيائه ولا يتحدث بها ولا يتكلف الكلام على معانيها، والصواب طرحها وترك الشغل بها إلا أن تذكر على وجه التعريف بأنها ضعيفة المقاد واهية الإسناد وقد أنكر الأشياخ على أبى بكر بن فورك تكلفه في مشكله الكلام على أحاديث ضعيفة
____________________
(قوله شذر مذر) بكسر الشين المعجمة والميم وبفتحهما في الصحاح تفرقوا شذر مذر بالتحريك والنصب وشذر مذر بالكسر إذا ذهبوا في كل وجه