لأحمد بن حنبل إنكار لبعض هذا على الحارث بن أسد فقد صنع أحمد مثله في رده على الجهمية والقائلين بالمخلوق وهذه الوجوه الشائعة الحكاية عنها فأما ذكرها على غير هذا من حكاية سبه والإزراء بمنصبه على وجه الحكايات والأسمار والطرف وأحاديث الناس ومقالاتهم في الغث والسمير ومضاحك المجان ونوادر السخفاء والخوض في قيل وقال ومالا يعنى
فكل هذا ممنوع وبعضه أشد في المنع والعقوبة من بعض فما كان من قائله الحاكي له على غير قصد أو معرفة بمقدار ما حكاه أو لم تكن عادته أو لم يكن الكلام من البشاعة حيث هو ولم يظهر على حاكيه استحسانه واستصوابه زجر عن ذلك ونهى عن العودة إليه وإن قوم ببعض الأدب فهو مستوجب له وإن كان لفظه من البشاعة حيث هو كان الأدب أشد، وقد حكى أن رجلا سأل مالكا عمن يقول
القرآن مخلوق فقال مالك كافر
فاقتلوه فقال إنما حكيته عن غيري فقال مالك إنما سمعناه منك وهذا من مالك رحمه الله على طريق الزجر والتغليظ بدليل أنه لم ينفذ
قتله وإن اتهم هذا الحاكي فيما حكاه أنه اختلقه ونسبه إلى غيره أو كانت تلك عادة له أو ظهر استحسانه لذلك أو كان مولعا بمثله والاستخفاف له أو التحفظ لمثله وطلبه ورواية أشعار هجوه صلى الله
____________________
(قوله على الجهمية) هم أتباع جهم بن صفوان أبى محرز السمرقندي هلك في زمان صغار التابعين أعني من رأى من الصحابة واحدا أو اثنين (قوله والطرف) بضم الطاء المهملة جمع طرفة